الفاو تحذر من «أزمة صامتة» تهدد مليارات البشر بسبب تدهور الأراضي الزراعية
                                                    حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من تفاقم ما وصفته بـ"الأزمة الصامتة" التي تواجه العالم نتيجة تدهور الأراضي الزراعية بفعل النشاط البشري، مؤكدة أن استمرار هذا التدهور يهدد إنتاج الغذاء والأمن الغذائي العالمي لمليارات البشر.
وجاء التحذير في تقرير "حالة الأغذية والزراعة لعام 2025" الصادر اليوم الإثنين من مقر المنظمة في روما، حيث كشفت الفاو أن نحو 1.7 مليار شخص يعيشون حاليًا في مناطق تشهد تراجعًا في إنتاج المحاصيل بسبب تدهور الأراضي الناتج عن تدخل الإنسان.
وأشار التقرير إلى أن الأراضي تشكل الركيزة الأساسية للنظم الزراعية والغذائية العالمية، إذ توفر ما يزيد على 95% من إنتاج الغذاء على الكوكب، إضافة إلى مساهمتها في دعم التنوع البيولوجي وتثبيت المناخ من خلال الخدمات البيئية التي تقدمها.
وأكدت المنظمة الأممية أن تدهور الأراضي لم يعد مسألة بيئية فحسب، بل أصبح قضية تنموية تمس سبل عيش سكان الريف، وإنتاجية الزراعة، واستقرار النظم الاقتصادية والاجتماعية في العديد من الدول، مشيرة إلى أن الريف هو الأكثر تضررًا من هذه الظاهرة بسبب اعتماده المباشر على الإنتاج الزراعي.
وأوضح التقرير أن التدهور ناتج عن عوامل طبيعية مثل تآكل التربة وارتفاع الملوحة، إلا أن الأنشطة البشرية أصبحت العامل الأبرز، وتشمل إزالة الغابات، والاستخدام المفرط للأسمدة، والرعي الجائر، وممارسات الري غير المستدامة، ما يؤدي إلى استنزاف خصوبة التربة وتراجع الإنتاج الزراعي على نطاق واسع.
وبحسب تقديرات الفاو، فإن إنتاج المحاصيل في المناطق المتدهورة انخفض بنسبة لا تقل عن 10% خلال السنوات الأخيرة، وهو ما ينعكس سلبًا على الأمن الغذائي والتغذية، خاصة بالنسبة للأطفال. وأشار التقرير إلى أن نحو 47 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم بسبب نقص الغذاء الناتج عن تراجع إنتاج الأراضي.
كما أوضحت المنظمة أن الدول الآسيوية هي الأكثر تضررًا من حيث حجم التدهور وكثافة السكان، فيما تعاني مناطق في إفريقيا وأمريكا اللاتينية من توسع رقعة التصحر وندرة الموارد المائية، ما يهدد بتفاقم الأزمات الإنسانية.
ودعت الفاو في ختام تقريرها إلى تبني سياسات عاجلة لحماية الأراضي واستعادتها، وتشجيع الزراعة المستدامة والممارسات البيئية الصديقة للتربة، مؤكدة أن مستقبل الأمن الغذائي العالمي يعتمد على قدرة الدول في إدارة مواردها الطبيعية بذكاء ومسؤولية.






